أبرز تحديات الترجمة القانونية
تعتبر الترجمة القانونية واحدة من أكثر الترجمات أهمية على مر العصور والأزمان، لاسيما في عصرنا الحديث؛ إذ تتطلب الترجمة القانونية دقة عالية بشكل دائم، حيث الخطأ البسيط كفيل بأن يُحدث أضرارًا جسامًا لا حصر لها، وقد تُعرِّض المترجم نفسه للمساءلة القضائية في بعض الأحيان وربما إلى عواقب مالية كذلك. تحتاج الترجمة القانونية إلى المزيد من الوقت لاكتساب الخبرة الكافية لترجمة الأنواع المختلفة من الوثائق والمستندات.
ما هي الترجمة القانونية؟
يشمل مفهوم "الترجمة القانونية" ترجمة كافة أنواع المستندات والعقود والوثائق القانونية والقضائية ووثائق الهوية ومحاضر المحاكم والتعهدات والتقارير واللوائح ومستندات الهجرة والإفادات وأقوال الشهود وغير ذلك من الوثائق والمستندات التي تحمل طابعًا قانونيًا أو قضائيًا، بل تمتد لتشمل كذلك كافة أنواع الترجمة الشفوية داخل المحاكم والمؤسسات الرسمية والقضائية.
هناك العديد من التحديات التي تواجه المترجم، عند الشروع في الترجمة القانونية، يجب أخذها بعين الاعتبار. إن التغلب عليها يمنحك فرصةً عظيمةً في إنتاج نص قانوني سليمٍ خالٍ من الأخطاء، وفي هذه المقالة نعرض لأبرز تلك العقبات والتحديات:
اختلاف المصطلحات القانونية
إن كل نوع من أنواع الترجمة له مصطلحاته الخاصة به، فعند البدء في ترجمة نص ديني على سبيل المثال، فإن المصطلحات المستخدمة واللغة كذلك ستأخذ الطابع الإسلامي، وسيحتوي النص على مصطلحات دينية وشرعية يفهمها أهل التخصص، ويتسم النص بالطابع والروح ذاتهما. كذلك الترجمة القانونية ليست بعيدة عن ذلك، فلها مصطلحاتها الخاصة بها، وتختلف هذه المصطلحات من بلد لآخر، فهي ليست ثابتة على الدوام، وهذا يعد التحدي الأكثر شيوعًا بين المترجمين القانونيين.
إن المترجم الفطن يتعين عليه الإلمام الجيد بالمصطلحات القانونية وما يقابلها في اللغة التي يترجم إليها، من أجل تقديم نص قانوني دقيق ومتناسق لا تشوبه شائبة، كما يجب أن يتمتع المترجم بمهارة البحث عن المصطلحات القانونية.
اختلاف النظم القضائية والقانونية
يختلف النظام القانوني والقضائي من بلد إلى آخر، فكل مجتمع له نظامه القانوني الخاص، وهنا تكمن الصعوبة التي تواجه المترجم القانوني، حيث كل نص كُتب وفق اللغة ذات الصلة، وعلى المترجم فهم كل نظام قانوني لكل بلد، قبل الشروع في ترجمة المستندات، وعليه أن يعكس محتويات النص الأصلي مراعيًا خصوصياته القانونية.
فإذا كنت مترجمًا يقدم خدمات ترجمة قانونية في دولة مثل المملكة العربية السعودية، فإن عليك معرفة النظام القانوني الذي تسير عليه المملكة أولًا، بل ويجب أن تقوم بالاطلاع على الكثير من الملفات والمستندات القانونية في تلك البلد، وأن تقرأ في كتب القانون الخاصة بها، لتتعرف على نظامها القانوني.
الاختلافات والفروق الثقافية
قانون الدولة يعكس ثقافتها، فهناك اختلافات ثقافية كبيرة بين المجتمعات والحضارات، ليست فقط في الثقافة والفن والحضارة والتاريخ والموروثات؛ بل أيضا في القوانين والنظم واللوائح، فهناك أمور قد تُجرَّم في بلد وتتاح في أخرى، وهناك عقوبات تنفذ في بلد، ولا يسمح بتنفيذها في أخرى، كعقوبة الإعدام التي تمنعها كل دول الاتحاد الأوروبي، في حين ما تزال بلدان مثل الولايات المتحدة واليابان وسنغافورة تنفذها، كما ألغت تركيا عقوبة الإعدام في عام 2004.
الأسلوب والصياغة القانونية
هناك بلدان كالمملكة العربية السعودية تحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية في نظامها القانوني، ولذلك عند الاطلاع على المستندات والوثائق القانونية، سوف تجد أن صياغة المستندات يغلب عليها المصطلحات الشرعية، لأن قانون البلد يعكس ثقافتها؛ في حين لن تجد الأمر ذاته حاضرًا في دول أخرى، فكل بلد له أسلوبه وصياغته.
في مصر كذلك، هناك أسلوب ونمط واضح يستطيع القارئ أن يتعرف على نوع الوثيقة أو المستند الذي يقرأه بمجرد النظر، وذلك من خلال الأسلوب والصياغة وطريقة العرض والتنسيق.
يجب على المترجم قبل الشروع في الترجمة القانونية للغة ما، أن يكون ملمًّا بالأسلوب والصياغة، وأن يتقن أسلوب الكتابة القانونية قبل كل شيء.