أخطاء إملائية يقع فيها المترجمون - الجزء الرابع
الضاد – الظاء
الخلط بين الضاد والظاء من أكثر الأمور شيوعًا خاصةً في اللهجات الخليجيَّة. المقامة الحلبيَّة التي نظمها الحريري جاء في جزء منها جمع للكلمات العربية التي تحوي حرف الظاء، وبالتالي، ما عداها يكون بالضاد. طبعا الموجود في القصيدة هو شكل من أشكال الكلمة القابلة للزيادة والاشتقاق، فالمذكور في القصيدة مثلًا هو "حُفَّاظ"، ومنها نشتق كلمات أخرى مثل، حافظ، استحفظ، حفيظ وغيرها. ونلاحظ أنّ كثيرًا من الكلمات الواردة ما عادت تستخدم وهو أمر يسهّل حصر الكلمات التي تحوي حرف الظاء.
الجدير بالذكر أنّ هناك بعض الكلمات قد تكتب بالضاد أو بالظاء وسيختلف المعنى في كل حالة طبعًا، وهي قليلة، ومنها: حضّ وحظ، حضر وحظر، ضفر وظفر، ضل وظل، ضلع وظلع، ضنّ وظنّ، ضهر وظهر، فضّ وفظّ، قرض وقرّظ، نضر ونظر.
عبدالله – عبد الله
يصر كثيرون على عدم ترك مسافة بين "عبد" وما تلاها من أسماء الله الحسنى ويرون أنّ هذه أسماء مركبّة ولابد من التصاق قسميها معًا. في الحقيقة، هذه النوعية من الأسماء مركبة تركيبًا إضافيًا لا تركيبًا مزجيًا وبالتالي لا مبرر لدمج قسميها معًا. ثم هل رأيتم "أل" التعريف تأتي وسط الكلام قَطْ؟! إذًا، يجب ترك مسافة بين القسمين وكذلك هو الأمر مع الأسماء المشابهة مثل "نور الدين" حيث يكتبه كثيرون "نورالدين"، و"أبو هريرة" حيث يكتبه كثيرون "أبوهريرة." ولعل أحد الأسباب هو كون الأقسام الأولى من هذه الأسماء مختومة بحروف لا تتصل بما بعدها (الدال، الراء، والتاء المربوطة مثلًا) حتى لو لم يتم ترك مسافة. لكن فلنتأمل اسمًا مثل "صلاح الدين"، فلو لم نضع مسافة بين القسمين لصار "صلاحالدين"!
الواو ومثيلاتها
يرى بعض الناس بأنّ علينا أن نفصل الواو عن الكلمة التي تعقبها لأن ذلك قد يغيّر المعنى؛ فعبارة "و جاء" المكوّنة من الواو والفعل تصبح "وِجاء" أي وقاية فتصير اسمًا. في الحقيقة، هذه حجّة مشروعة، لكن إذا طبقناها فعلينا أن نتبع مبدأ "ظلمٌ بالسوية، عدلٌ في الرعيّة"، ويصير واجبًا علينا تطبيقها على الحروف المشابهة مثل الفاء، فنقول "ف قال" وليس "فقال" وهو أمر سيثير الفوضى دون شك.
السؤال المنطقي الآخر هنا هو: لِمَ نترك مسافةً بين "ثم" مثلًا وما يليها، ولا نترك مسافة بين الواو وما يليها وكلاهما (ثم والواو) حرف عطف؟
ما أراه هو أنّ الواو مكوَّنة من حرفٍ واحدٍ، وبالتالي تحتاج إلى أن تستند إلى كيان آخر. وبالإضافة إلى الواو بأنواعها المتعددة، ينطبق الحكم نفسه على كل من باء الجر، والفاء بأنواعها، واللام بأنواعها، وكاف التشبيه، وألف الاستفهام، والسين التي تفيد المستقبل، وتاء القسم، فكلها لا يُترك بينها وبين ما يليها مسافة.
دعوة – دعوى
نشرت إحدى الصحف المعروفة أن حزبًا من الأحزاب رفع "دعوة" قضائية بالتاء المربوطة في كلمة "دعــوة". وظننت أن الأمر مجرد خطأ إملائيّ، إلا أنه بعد سطرين اثنين تكرر لفظ "دعوة" مرة أخرى، بل نشرت الصحيفة نفسها في اليوم التالي خبرًا آخر جاءت فيه لفظة "دعوة" بالتاء المربوطة، مما ينفي شبهة الخطأ الإملائي.
وصحة الأمر أن يقولوا "دعْوى"؛ لأن الموضوع مجرد ادِّعاء لم يتبين صحته بعد. يقول الجوهري في الصحاح: "وادعيت على فلان كذا، والاسم دعوى". أما لفظ "دعوة" فيكون في مثل "دعوتك إلى الطعام، وأرسلت لك دعوة"، بالتاء.
أرجو – أرجوا
من أشنع الأخطاء التي يقع فيها المثقفون والمترجمون والكتاب عمومًا، حينما يكتبون "أرجو" بألف بعد الواو مثل "أرجوا"، ظنًا منهم أنها مثل الواو الدالة على الجماعة في قولهم: "لم يكتبوا".
وحقيقة الأمر أن الواو في "أرجو" أصلية أي هي جزء من بنية الفعل "رجا – يرجو"، فهي غير محتاجة إلى ألف بعدها، أمَّا تلك الواو التي في "لم يكتبوا" فهي فاعل للدلالة على الجماعة والألف بعدها تسمى "الفارقة" وهي موضوعة خصيصًا للتفرقة بين الواو الأصلية و "واو" الجماعة.
الرحمن – الرحمان
كما أنهم يحذفون الألف من كلمة "الرحمن" في كل موطن، وهذا خطأ فاحش، وإنما الحذف عند دخول الألف واللام عليها، أما عند الإضافة كقولنا:
"يا رحمان الدنيا والآخرة" فلابد من إثبات الألف.
إهمال التشديد يسئ الفهم
في هذه الصورة كتب أحدهم "مكسرات مشكلة" بدون وضع تشكيل أو تشديد، فالمُشْكِلة هي المعضلة، أمّا "المشكَّلة" بتشديد الكاف فتعني المتنوّعة، وهذا يبيّن لنا الدور المحوريّ للشدّة، ويبين لنا أيضًا أنّ غياب الشدّة قد يسبب مشكلة.
بعض العبارات ستبدو مضحكة للوهلة الأولى إن نسينا وضع الشدّة. فعبارة "مشروبات غازية" تعني أنّ المشروبات تقوم بالغزو ولعل هذا صحيح بعض الشيء فقد غزت هذه المشروبات حياتنا، أمّا "مشروبات غازيّة" بتشديد الياء فمنسوبة إلى الغاز.
وجملة "زوجي أمي" قد يفهم منها القارئ للوهلة الأولى أنّ من كتبت ذلك ترى أنّ زوجها هو أمها، وليت كل الأزواج بهذا التحنان، لكنّها قد تعني أنّ زوجها "أميّ" أي لا يقرأ ولا يكتب، وما أبعد العبارة الأولى عن الثانية!
إذا كانت لديكم مقترحات لأخطاء إملائية معروفة، فيمكنكم مشاركتها معنا في التعليقات!
المراجع:
من أوهام المثقفين في أساليب العربية - د/ أحمد محمد عبد الدايم
مَنْ ذَا الذِي قدَّدَ البَيان؟ - تصوير وتعليق حياة الياقوت