متى يكون المترجم جاهزًا للعمل من المنزل ؟
سؤال يجول في خاطر الكثيرين ممن يفكرون في العمل من المنزل والابتعاد عن العمل المكتبي؛ ولا شكَ أنه قرارٌ مهمٌ للغاية وحتى مجرد التفكير في التجربة تستوجب التفكير أكثر من مرة. والسبب في ذلك أن استعداد الشخص وقدراته وتفاعلاته تتغير وتتكيف حسب طريقة العمل التي يختارها – ولا سيَّما بالنسبة للمترجمين الذين قد يقضون أيامًا لا يرون النور إذا كانوا ممكن يرغبون في تحقيق ربحيةٍ عاليةٍ أو يرغبون في كسب بدائل كثيرة من العملاء والأعمال.
والجدير بالذكر أنه – وللمفارقة – مع زيادة عدد مكاتب وشركات الترجمة بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الأخيرة، زاد بنفس الوتيرة ميل المترجمين إلى العمل من المنزل وعزوفهم عن العمل المكتبي وذلك - حسب رؤيتهم - لتوفير الوقت والجهد والتكلفة وعناء المواصلات للوصول إلى أماكن عملهم وخاصةً مع تطور التكنولوجيا والاعتماد بشكل كبير على الإنترنت. لكن لهذا الأمر خطورةٌ كبيرةٌ إذا لم يكن المترجم قد وصل إلى المستويات المطلوبة من المهارة الاحترافية والتقنية والمهنية والإدارية التي تمكنه من العمل بشكل مستقل، وإلا فستكون خسارته أكبر من استفادته بكثير.
وبحسب الخبرة الشخصية وعشرات الخبرات الأخرى، يتبين أنَّه على المترجم أن يكون قد حقَّق تميُّزًا في أربعةِ مستوياتٍ حتى ينجح في العمل كمترجم مستقل:
المستوى الاحترافي: أن يكون المترجم قد أصبح صاحب خبرة كبيرة في مجال الترجمة باعتراف المتعاملين معه أو مؤسسات العمل وأن يكون لديه القدرة على أن يقوم بالترجمة والمراجعة والتصحيح اللغوي وتحسين الصياغة، وكذلك أن تكون خبرته متنوعة في الكثير من المجالات بحيث يوسِّع دائرة استفادته من الفرص الوظيفية المتاحة وفرص اقتناصها.
المستوى التقني: أن يكون المترجم قد أصبح لديه خبرة ودراية كبيرة بالأدوات التقنية والحاسوبية، والبرامج المستخدمة في أعمال الترجمة، والأدوات المساعدة والتحديثات الخاصة بها.
المستوى المهني: أن يكون المترجم قادرًا على التعامل بطريقة مهنية حسب ما تقتضيه ضرورات العمل وألَّا يقحم ميوله الشخصية ومزاجه وتفضيلاته في أمور العمل؛ لئلا يؤثر ذلك على علاقته بالعملاء.
المستوى الإداري: أن يكون المترجم قد أصبح قادرًا على إدارة أعماله وتنسيق الاتصالات، ومتابعة التحصيلات وإرسال الفواتير والمتابعة فيها، وكذلك أعمال التسويق والبحث عن موارد متجددة وعملاء جدد وهكذا.
ويُوصى بألا يقوم الشخص باختبار قدراته قبل أن يكون واثقًا تمامًا منها؛ لأن التكلفة عالية وربما الرجوع يكون أصعب بكثير. والسبب في ذلك أن الانتقائية لدى العملاء أصبحت أعلى بكثير وأصبح الجميع يبحث عن أفضل جودةٍ ممكنةٍ، بأقل سعر وفي أقل وقت ممكن. كما أن البدائل أيضًا أصبحت متوفرة في المجال ما بين شركات ترجمة كبيرة وصغيرة، ومكاتب ترجمة معروفة وغير معروفة ومترجمين محترفين وغيرهم. لذا يلزم الكثير من الحذر عند خوض هذه التجربة وألا يقوم المترجم بها إلا بعد برهنة وإثبات كفاءته في المستويات التي ذكرناها؛ حتى ينعم بثمرة هذه التجربة. وغير ذلك يفضل أن يعمل في مكان عمل يستفيد منه على المستوى المادي وعلى مستوى الخبرة ويختبر كذلك المستويات المهنية والإدارية على حدٍ سواء.